فصل: المقالة الأولى: مبادئ أصول لذلك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفن الحادي عشر: أحوال القلب:

وهو مقالتان:

.المقالة الأولى: مبادئ أصول لذلك:

.فصل في تشريح القلب:

أما القلب فإنه مخلوق من لحم قوي ليكون أبعد من الآفات منتسج فيه أصناف من الليف قوية شديدة الاختلاف الطويل الجذاب والعريض الدفّاع والمورب الماسك ليكن له أصناف من الحركات وقدر خلقته بمقدار الكفاية لئلا يكون فضل وعظم منه منابت الشرايين ومتعلّق الرباط وعرضاً ليكون في المنبت وقاية لنابت وجعل هذا الجزء منه على حرية ليكون بعيداً عن الاتكاء على عظام الصدر فلا يؤذيه مماستها ودقق منه الطرف الآخر كالمجموع إلى نقطه ليكون ما يبتلى بماسة العظام أقل أجزائه وصلب ذلك الجزء منه فضل صلابة ليكون المبتلى بتلك الملاقاة أحكم ودرج الشكل إلى الصنوبرية ليحسن هندام السفل والفوق ولا يكون فيه فضل وأودع في غلاف حصيف جداً هو وإن كان من جنس الأغشية فلا يوجد غشاء يدانيه في الثخن ليكون له جنة ووقاية ويرى جرمه من ذلك الغلاف بقدر إلا عند أصله وحيث ينبت الشريان ليكون له أن ينبسط فيه من غير اختناق وعند أصله عضواً كالأساس يشبه الغضروف قليلاً ليكون قاعدة وثيقة لحلقه وفيه ثلاثة بطون بطنان كبيران وبطن كالوسط ليكون له مستودع غذاء يغتذي به كثيف قوي يشاكل جوهره ومعدن روح يتولّد فيه عن لحم لطيف ومجرى بينهما وذلك المجرى يتسع فيه عند تعرض القلب وينضم عند تطوله.
وقاعدة البطن الأيسر أرفع وقاعدة البطن الأيمن أنزل بكثير والعروق الضوارب- وهي الشرايين- خلقت إلا واحدة منها ذات صفاقين وأصلبهما المستبطن إذ هو الملاقي لضربان ولحركة جوهر الروح القوية المقصود صيانته وإحرازه وتقويته.
ومنبت الشرايين هو من التجويف الأيسر من تجويفي القلب.
لأن الأيمن أقرب إلى الكبد فوجب أن يجعل مشغولاً بجذب الغذاء استعماله.
ولما كان البطن الأيمن من القلب يحوي غليظاً ثقيلاً والأيسر يحوي دقيقاً حفيفاً عدل الجانبان بترقيق البطن الذي يحوي الغليظ وخصوصاً إذا أمن التحلل بالرشح التفشّي بل جعل وعاء الأدق أضيق وأعدل في الوسط وله زائدتان على فوهتي مدخل مادتي الدم والنسيم إلى القلب كالأذنين عصبيتان يكونان متعصبتين مسترخيتين ما دام لقلب منقبضاً فإذا انبسط توترتا وأعانتا على حصر ما يحتوي عليه إلى داخل فهما كخزانتين يقبلان عن الأوعية ثم يرسلانه إلى القلب بقدر وأدقتا ليكون أحوى وأحسن إجابة إلى الانقباض وصلبتا ليكون أبعد عن الانفعال.
والقلب يغتذي مع قواه الطبيعية انبساط فيجذب الدم إلى داخل كما يجذب الهواء.
وقد وضع القلب في الوسط من الصدر لأنه أعدل موضع وأميل يسيراً إلى اليسار ليبعد عن الكبد فيكون للكبد مكان واسع.
وأما الطحال فنازل عنه وبعيد وفي إنزاله منفعة سنذكرها ولأن توسيع القلب المكان للكبد أولى من توسيعه للطحال لأن الكبد أشرف ومما قصد في إمالة القلب عن الكبد أن لا يجتمع الحار كله في شق واحد وليعدل الجانب الأيسر إذ الطحال بنفسه غير حار جداً وليقل مزاحمته للعرق الأجوف الجائي إليه ممكناً له بعض المكان وما كان من الحيوان عظيم القلب وكان مع ذلك جذعاً خائفاً كالأرانب والأيايل فالسبب فيه أن حرارته قليلة فينفس في شيء كثير فلا يسخنه بالتمام.
وما كان صغير القلب ومع ذلك جريئاً فلأن الحرارة فيه كثيرة تحتقن وتشتدّ ولكن أكثر ما هو أجرأ عظيم القلب ولا يحتمل القلب ألماً ولا ورماً ولذلك لم يذبح حيوان فوجد في قلبه من الآفات ما يوجد في سائر الأعضاء.
وقد وجد في قلب بعض الحيوانات الكبير الجثة عظم وخصوصاً في الثيران وهذا العظم مائل إلى الغضروفية وأكبره وأعظمه مع زيادة صلابة هو ما يوجد في قلب الفيل وكذلك وجد قلب بعض القرود ذا رأسين.
ومن قوة حياة القلب أنه إذا سل من الحيوان وجد نبض إلى حين وقد أخطأ من ظن أن القلب عضلة وهو وإن كان أشبه الأشياء بها لكن تحركها غير إرادي.

.فصل في أمراض القلب:

قد يعرض للقلب في خاصته أصناف الأمراض كلها مثل أصناف سوء المزاجات وقد تكون بمادة وقد تكون ساذجة.
والمادة قد تكون في عروقه وقد تكون فيما بين جرمه وبين غلافه وخصوصاً الرطوبة وكثيراً ما يوجد في ذلك الموضع رطوبات.
ومن المعلوم أنها إذا كثرت ضغطت القلب عن الانبساط وقد يعرض له الأورام والسدد وقد يعرض له شيء من الوضع أيضاً مثل ما يعرض له من احتقان في رطوبة مزاحمة تمنعه عن الانبساط فيقبل.
والانحلال الفرد الذي يعرض إما فيه وإما في غلافه وإذا استحكم في القلب سوء مزاج لم يقبل العلاج وإذا كان غير مستحكم لم يكن سهل قبول العلاج.
والورم الحار قاتل جداً في الحال والبارد مما يبعد ويندر حدوث صلبه ورخوه في القلب وأكثره في غلاف القلب فإن اتفق أن حدث فإنه لا يقتل في وحي قتل الورم الحار لكنه مع ذلك قتال.
وربما أسهل الصلب العارض في الغلاف من الخلط الغليظ وغير الصلب العارض من خلط مائي منقط مدة كالحال في ورم كان بغلاف قلب قرد حكاه جالينوس وقد عاش ذلك القرد ملياً فلما شُرح بعد موته عرف ما كان به في حياته فكان له ينحف ويضعف.
وإذا كان القلب نفسه لا يحتمل أن يرم فكيف يحتمل أن يجمع ويقيح وإذا عرضت هناك قروح محتملة تنوبه فإنها تقتل بعد رعاف أسود على ما قيل.
وقد يعرض في عروق القلي سدد ضارة بأفعال القلب وأما انحلال القرد فالقلب أبعد احتمالاً منه للورم وإذا عرض لجرمه ونفذ إلى البطن قتل في الحال.
وإن لم يكن نافذاً فربما تأخر قتله إلى اليوم الثاني.
وقد يعرض للقلب أمراض بمشاركة غلافه الدماغ والجنب والرئة والكبد والمعي وسائر الأحشاء وخصوصاً المعدة.
وقد يكون بمشاركة أعضاء أخرى والبدن عامة كما في الحميات حين تخفق بنوائبها وبحارينها.
ومشاركته الأعضاء الأخرى قد تكون بسبب ما يقطع منها كمشاركته الكبد إذا ضعفت عن توجيه الغذاء إليه والدماغ إذا ضعف فضعفت العضل المنفسة عن التنفس وقد يكون بسبب ما يتأدّى منها إليه.
أما الدماغ فمثل ما إذا كثر فيه الخلط السوداوي فينفذ في جوهر الدماغ فنفذ في طريق الشرايين إلى القلب فيهيج خفقاناً وسقوط قوة وغمّاً مع الهائج.
من سوء فكر وهمّ ومثل ما يتأدى منه إليه من الخلط الرطب بهذه السبيل فيحدث بلادة وكسلاً وسقوط نشاط.
وأما الكبد فيما يرسل من لحم رديء حار أو بارد أو غليظ وقد يكون بمشاركة في الأذى على سبيل المجاورة ومثل تأذيه بورم حار أو بارد يكون في الغلاف المحيط به خصوصاً ولسائر الأحشاء عموماً وتأذية لتأذي فم المعدة والمعدة عن خلط لزج أو لذاع أو ديدان وحب القرع أو قيء لذاع فيحدث به منه خفقان.
وقد يكون بسبب المشاركهّ في الوجع إذا اشتد وانتهى إليه وكثيراً ما يقتل وقد يكون بسبب انتقال المادة من مثل خفقان أو ذات جنب أو ذات الرئة فتميل المادة إلى القلب فتخنق وتقتل والمشاركات التي تقع بين القلب وغلافه فليست تبلغ الإهلاك وربما لم يكن حاراً فإنه قاتل وقد يحدث في نفس فم المعدة اختلاج فيضرّ بالقلب.

.فصل في وجوه الاستدلال على أحوال القلب:

وهي ثمانية أوجه: النبض والنفس وخلقة الصدر وملمس البدن وما يعرض فيه والاختلاف وقوة البدن وضعفه والأوهام.
أما النبض فسرعته وعظمه وتواتره تدلّ على حرارته وأضدادها يدل على برودته ولينه على رطوبته وصلابته على يبسه وقوته وأستواؤه وانتظام اختلافه يدل على صحته وأضدادها على خلاف صحته والنفس العظيم والسريع والمتواتر والحار يدل على حرارته وأضدادها على برودته والصدر الواسع العريض إن لم يكن بسبب كبر الدماغ الذي يدل عليها كبر الرأس الموجب لكثرة الدماغ الموجب لعظم النخاع الموجب لعظم الفقرات الموجب لعظم الأضلاع النابتة منها بل كان هناك صغر رأس أو توسطه وقوة نبض دل على حرارته وضد ذلك إن لم يوجبه صغر الرأس دل على برودته.
والشعر الكثير على الصدر خصوصاً الجعد منه يدل على حرارته وجرد الصدر وقلة شعره يدل على برودته لعدم الفاعل الدخاني أو يبوسة لعدم المادة للدخان وإن لم يكن لعارض رطوبة مزاج البدن جداً أو عادة الهواء والبلد والسن وحرارة البدن كله يدل على حرارته إن لم يقاومه الطحال والكبد الباردة بتبريدهما وبرودته إن لم يقاوم الكبد مقاومة ما ولين البدن يدل على رطوبته إن لم يقاوم الكبد بأدنى مقاومة وصلابته على يبسه إن لم يقاوم الكبد.
والحميات العفنة مع صحة الكبد تدل على حرارته ورطوبته وأما من طريق الاختلاف والغضب الطبيعي الذي ليس عن اعتياده والجرأة والإقدام وخفة الحركات تدلّ على حرارته وأضدادها أن لم تكن مستفادة من الأوهام والعادات تدل على برودته.
وأما قوة البدن فتدل على قوته.
وضعفه إن لم يكن بآفة من الدماغ والأعصاب فتدلّ على ضعفه.
وضعفه يدل على سوء مزاج به وقوته تدل على اعتدال مزاجه الطبيعي وهو كون الحار الغرزيزي والروح الحيواني كثيرين فيه غير ملتهبين مدخنيني بل نورانيين صافيين.
وأما العرض من الحرارة فيدل عليه شدة الالتهاب وضجر النفس وربما أدى إلى آفة في النفس.
وأما الأوهام فالمائلة إلى القرح والأمل وحسن الرجاء يدل على قوته وعلى اعتداله الذي يحس به في حرارته.
ورطوبته والمائلة إلى طلب لا الإيحاش والإيذاء ويدل على حرارته والمائلة نحو الخوف والغم يدل على برده ويبسه.
والأحوال التي تحس في القلب نفسه مثل التهاب يعرض فيه ومثل خفقان يحس منه فإنها بعضها يدل بانفراده على مزاجه مثل الالتهاب وبعضها لا يدل إلا بقرينة مثل الخفقان إن الخفقان يتبع جميع أنحاء ضعف القلب وسوء مزاجه فلا يدل على أمر خاص فيه.
وربما كثر الخفقان لسبب قوة حس القلب فيعرض الخفقان من أدنى وهم أو بخار أو نحو ذلك مما يصل إليه وقد تكون أمراض القلب بمشاركة غيره وخصوصاً الرأس وفم المعدة.
ولا تخلو أمراض الدماغ المالنخولية والصرعة عن مشاركة الدماغ للقلب وقد ينتقل إلى القلب من مواد مندفعة من مثل ذات الجنب وذات الرئة فيكون سبباً لعطب عظيم ولهلاك.
وإذا عرض للأخلاط نقصان عن القدر الواجب كان أول ضرر ذلك بالقلب فيتغير مزاجه.
وإذا خلص الحر الصرف أو البرد الصرف إلى القلب مات صاحبه وربما رأيت المصرود يتكلم وقد علامات أمزجة القلب الطبيعية: فاعلم أن المزاج الحار الطبيعي يدلّ عليه سعة الصدر في الخلقة إلا أن يكون بمعارضة الدماغ وعظم النبض الطبيعية وميله إلى التواتر والسرعة وعظم النفس الطبيعي وميله إلى التواتر والسرعة ووفور الشعر على الصدر وخصوصاً إلى اليسار قليلاً إن لم يعارض ترطيب عضو أخر معارضة شديدة جداً.
والبلد والهواء وشدة الغضب والإقدام وحسن الظنّ وفسخه الأمل.
وقد يدل عليه عظم الصدر إذا لم يكن بسبب الدماغ على ما قيل.
وأما المزاج البارد الطبيعي فيدلّ عليه ضيق الصدر إلا للشرط المذكور وصغر النبض الطبيعي وميله إلى التفاوت أو لبطء إلا أن يكون هناك بسبب يقتضي السرعة وصغر النبض الطبيعي وميله إلى البطء والتفاوت وضعف وكسل وحلم لا بالتخلق والرياضة وأخلاق تشبه أخلاق النساء ودهش وحيرة وبلادة وانفعال عن المحفرات وبرد البدن.
وأما المزاج الرطب فيدل عليه لين النبض وسرعة الانفعال عن الواردات المقبضة والمفرّحة وسرعة الانصراف عنها ورطوبة الجلد وإن لم يقاوم الكبد.
وأما المزاج اليابس فيدل عليه صلابة النبض وبطء الانفعال وبطء السكون وسبعية الأخلاق ويبس البدن إن لم يقاوم الكبد.
وأما المزاج الحار اليابس فيدل عليه النبض العظيم بمقدار وذلك لأن عظمه يكون للحاجة.
ونقصانه ليبس الآلة والسريع وخصوصاً إلى الانقباض والتواتر والنفس العظيم السريع وخصوصاً في إخراجه للهواء المتواتر وشراسة الخلق والوقاحة وخفة في الحركات والجلادة وسرعة الغَضَب للحرارة وبطء الرضا ليبس وكثرة شعر الصدر وكثافته ليبس مادته وجعودته وحرارة الملمس ويبسه.
وأما المزاج الحار الرطب فيكون الشعر فيه أقل والصدر أعرض والنبض أعظم إلا أنه ألين وسرعته وتواتره دون ما يكون في المزاج اليابس إذا ساواه في الحرارة ويكون الغضب فيه سريعاً غير شديد وملمس البدن حاراً رطباً إن لم يقاوم الكبد مقاومة في البرد شديدة وفي الرطوبة وإن كانت دون الشديدة ويكثر فيه أمراض العفونة.
وأما المزاج البارد الرطب فيدل عليه النبض إذا لم يكن عظيماً بل إلى الصغر وكان ليناً ليس بسريع ولا متواتر بل مائلاً إلى ضديهما بحسب مبلغ المزاج ويكون صاحبه كسلاناً وجباناً عاجزاً ميت النشاط أجرد غير حقود ولا غضوب ويكون البدن بارداً رطباً إن لم يقاومه الكبد بتسخين كثير وتيبيس وإن لم يكن بكثير.
وأما المزاج البارد اليابس فيكون نبض صاحبه ليس بذلك البطء كله ويكون صاحبه بطيء.